حقيقة فكر المسيري وحقيقة مناهضته للصهيونية
في هذا اليوم الجمعة 3/تموز/2009 يصادف وفاة الدكتور عبد الوهاب المسيري ذو الخلفية الشيوعية، الذي اشتهر في وسائل الإعلام المختلفة بأنه أكبر باحث في شؤون اليهود واليهودية والصهيونية في الشرق الأوسط، ولكن هناك سر ما في هذه الضجة الإعلامية الهائلة حوله، خاصة وأنها تركز على أحد جوانب فكره وهو مناهضة الصهيونية، وتعتم على جانب آخر أكثر أهمية وهو رؤيته المريبة والمثيرة للشك حول اليهود اليهودية.
لقد أكثرت وسائل الإعلام من الحديث عن مناهضة المسيري للصهيونية، وتوقعه زوال إسرائيل، وفضحه ما يسميه التطهير العرقي الصهيوني بحق شعبنا الفلسطيني، وحديثه عن المصطلحات الصهيونية وغير ذلك مما يختص فقط بما يُسميه الظاهرة الصهونية التي يزعم أنها ظاهرة غربية وأن دولة إسرائيل قاعدة للإمبريالية الغربية، وغير ذلك من مصطلحاته ذات الأصول الشيوعية.
ولكن وسائل الإعلام كما قلت قد أهملت الجانب الأهم في فكره وهو اليهود واليهودية، حيث أفرد المسيري لهذا الجانب أربعة مجلدات من أصل سبعة في موسوعته، أما جانب الصهيونية وإسرائيل فقد أفرد له فقط مجلدين. أي أنه لم يقم أحد بذكر أفكار المسيري وآراءه المريبة والمثيرة للشك حول اليهود واليهودية بغض النظر عن مدى صحتها أو خطئها.
ولكن الموضوعية تفرض علينا أن نذكر للمسيري ما له وما عليه، خاصة وأن أفكاره تلك حول اليهود واليهودية سوف تغير نظرتنا جذرياً عن أفكاره تلك المناهضة للصيونية، وسوف نكتشف بكل أسف أن شهرته جاءت من ضجة إعلامية مفتعلة يُراد منها خداع أمتنا من جديد بأفكار معسولة في الظاهر مسمومة في الباطن.
إن أصغر إطلاع بسيط على أفكاره عن اليهود واليهودية في مجلدات موسوعته الثاني والثالث والرابع والخامس، تجعلك لا تُصدق أن مفكراً مسلماً يمكن أن يكتب مثل هذا الكلام، كلام لا يصدر إلا عن مفكر شيوعي ما زال يؤمن بكل قوة بالشيوعية، إنه كلام يجعلك تتعاطف مع اليهود وتمحي من ذهنك الحذر من خطورتهم، ذلك الحذر الذي أكده القرآن الكريم مراراً وتكراراً، إن كلام المسيري في غاية الخطورة، إنه منافحة وشهادة براءة لليهود واليهودية من أي جرائم أو أخلاق ماكرة متآمرة أو منحلة إباحية بل حتى يسخر من التحذير من مخططهم العالمي للسيطرة على العالم، إن كلامه فيها هو كما لو كان ترجمة لموسوعة كتبها اليهود دفاعاً عن أنفسهم.
وكل هذا يجعلنا ندقق في مناهضته للصهيونية، لنجد أنه ينطلق في ذلك من منطلقات مادية بعيداًعن نور العقيدة الإسلامية، إنه يصور صراعنا معهم بأنه صراع مع جماعات عملاء للإستعمار الغربي جاؤوا لفلسطين بدوافع مادية، ومناهضتهم بهذه الرؤية تجعلنا نضيع البوصلة في حربنا معهم، وبالتالي لن نستفيد إلا المزيد من الهزائم، فمن أهم أسس النصر على العدو أن تعرف جيداً من هو العدو، وما هي دوافعه الحقيقة، وذلك من نور الوحي المنزل من الله جل جلاله، فهو خالقنا وخالق عدونا، وقد وضع لنا قواعد حربنا مع اليهود، فهل نترك كلام الله وما هدانا إليه، ونهرول وراء المسيري الشيوعي الذي ينطلق من رؤية التفسير المادي للتاريخ؟
زاهر طلب
للتحميل