الآن لنذكر أمثلة، عن جمال عبد الناصر الذي يقدسه الفلسطينيون، أقاربي يقاطعوني ويشتمونني ولا يتكلمون معي، لأنهم كلهم ناصريون، لأنني أسمعتهم بعض الحقائق عن جمال عبد الناصر، وهم أولاد عمي وموجودين هنا بعمّان، راغب القاسم محامي، وغازي القاسم طبيب، ومأمون القاسم، موجودون هنا بعمّان وبنابلس.
حصار الفالوجة:
عن جمال عبد الناصر سنة 1948، عندما قامت الحرب ضد إسرائيل، قامت مصر بإرسال جيش، ولكن العمليات على الجبهة، طبعا في الحرب لا يجوز أن يشترك كل الجيش دفعة واحدة، دائما يتركون كمية منه للاحتياط، فلو كان سيشارك في المعركة ألف، يتركون ألف أو ألفين للاحتياط، فكان قائد العمليات، البكباشي أحمد عبد العزيز، كنت أنا معلما في قرية اسمها “داعل” في سوريا، تبعد عن “الطرة” (15) كيلو متر، الطرة، تذهب بخط مستقيم، إلى مزيريب، طفس، داعل، (15) كيلو متر.
كنا نقرأ بالجرائد، الجيوش العربية تتقدم، الكماشة تطبق على تل أبيب، الجيش المصري على بعد خمسة كيلو متر عن تل أبيب، في اليوم الثاني الجيوش العربية تتقدم، الكماشة تطبق على تل أبيب، الجيش المصري على بعد أربعة كيلو متر عن تل أبيب، بعدها بيوم الجيوش العربية تتقدم، الكماشة تطبق على تل أبيب، الجيش المصري على بعد ثلاثة كيلو متر عن تل أبيب، على بعد اثنين كيلو متر عن تل أبيب، على بعد كيلو متر عن تل أبيب، على بعد نصف كيلو متر عن تل أبيب، ثم قرأنا قُتل البكباشي أحمد عبد العزيز.
استلم بدلا منه البكباشي جمال عبد الناصر، كان نائبه، نقرأ في الجرائد، ما زالت الجيوش العربية تتقدم، الكماشة تطبق على تل أبيب، الجيش المصري على بعد نصف كيلو متر عن تل أبيب، ثاني يوم، ما زالت الجيوش العربية تتقدم، الكماشة تطبق على تل أبيب، الجيش المصري على بعد كيلو متر عن تل أبيب، بعدها بيوم، ما زالت الجيوش العربية تتقدم، الكماشة تطبق على تل أبيب، الجيش المصري على بعد اثنين كيلو متر عن تل أبيب، بعدها، ما زالت الجيوش العربية تتقدم، الكماشة على تل أبيب، الجيش المصري على بعد ثلاثة كيلو متر عن تل أبيب، بعدها بيوم على بعد أربعة كيلو متر عن تل أبيب، بعدها بيوم ما زالت الجيوش العربية تتقدم، الكماشة تطبق على تل أبيب، الجيش المصري على بعد خمسة كيلو متر عن تل أبيب.
ظلت الجيوش العربية تتقدم! والكماشة تطبق على تل أبيب! والجيش المصري ينتقل من البعد خمسة كيلو متر إلى ستة كيلومتر إلى سبعة كيلو متر إلى ثمانية كيلو متر، حتى حوصر في الفالوجة وبقي محاصرا في الفالوجة ستة أشهر، من هذه الستة أشهر قضى منها جمال عبد الناصر أكثر من أربعة أشهر منها في تل أبيب، كان يأتي إليه بين الجنود في الفالوجة، يقيم معهم اليومين والثلاثة والأربعة والخمسة، كانت تأتي سيارة يهودية تنادي بمكبر الصوت “المفاوض يتفضل… المفاوض يتفضل… المفاوض يتفضل”، يذهب المفاوض، من هو المفاوض؟ هو جمال عبد الناصر، يبقى هناك أسبوع، أسبوعين، ثلاثة، ثم يرجع، وهكذا.
وهذه الحقيقة يذكرها جمال عبد الناصر نفسه، النص أحضره لي، الأستاذ أحمد[1]، وعنده تجدونه، كتاب فلسفة الثورة، يذكر أنه كان يجتمع باليهود، قال من شطارته، ليعرف منهم… ويذكرها أيضا مؤلف شيوعي إنكليزي اسمه توم ليتل بكتاب له، اسمه جمال عبد الناصر رائد القومية العربية، بالإنكليزية تم تأليفه، وترجم بأمر من المخابرات المصرية، مخابرات جمال عبد الناصر وبمعرفة جمال، وكان هذا هو إنجيل الناصريين، كان إنجيل الناصرية، في الصفحة (218) أذكر الصفحة، يقول فيها: “لقد كان عمليا يحاول الاستفادة من جميع الظروف لمصلحة وطنه، وهكذا استطاع من خنادقه في الفالوجة أن يتصل بإسرائيليين، ليتعرف منهم على أسرار المقاومة ضد الإنكليز، المقاومة الوطنية ضد الإنكليز…”، يعني مثل هذا الكلام.
كيف كان اليهود بزعمه يقاومون، الإنكليز كانوا مستعمرين اليهود في فلسطين! واليهود كانوا يقاومونهم في سبيل الاستقلال، وتعلم منهم جمال عبد الناصر كيف كانوا يعملون! يعني هذه الحقائق. فهذه واحدة من جمال عبد الناصر، هو الذي سلم جنوب فلسطين لإسرائيل.
كيف قُتل أحمد عبد العزيز:
اسمحوا لي، كيف قتل أحمد عبد العزيز؟ أحمد عبد العزيز كان قائد العمليات، وتقدم حتى وصل حوالي نصف كيلو متر عن تل أبيب، جاء موشى ديّان، هل تتذكروه أم نسيتوه موشى ديان؟ أعور اليهود كان، أنا كنت يوما ما ظننت به أنه يمكن أن يكون هو المسيح الدجال، لكن طبعا المسيح الدجال يظهر من الشرق وليس من هنا، جاء موشى ديان احتل جبل المكبر، في كتيبته، جاء البكباشي أحمد عبد العزيز، بكتيبته، وعلى فكرة كلهم كانوا إسلاميين، أحمد عبد العزيز، وجمال عبد الناصر كان يتظاهر بأنه من الإخوان المسلمين حتى، وكانوا ملتزمين بالصلاة وما شابه، جاء بكتيبته أباد حوالي نصف الكتيبة اليهودية، وهرب موشى ديان بالسيارة والرصاص يلاحقه، إن الكلاب طويلة الأعمار، لم يصيبوه.
جاءه برقية من نائبه، من هو نائبه؟ جمال عبد الناصر، برقية بأن تعال، طبعا بالحرف هذه ماذا تعني، أنه توجد قضية، المسؤول الأول يجب أن يكون موجودا، رجع البكباشي أحمد عبد العزيز، وإلى جانبه الصاغ صلاح سالم أحد الضباط الأحرار، أو الأصح، الأشرار، وصل الفالوجة بعد العشاء، يوجد جيش مصري معسكر للاحتياط، فهناك المقاتلين، وهناك الاحتياط يكونون متهيئين.
خرجت طلقات أو ضربات رصاص، قُتل أحمد عبد العزيز، قال لنا، يعني أنا أحمد السامعين، لم أكن السامع الوحيد، قال لنا ضباط كانوا موجودين هناك، قالوا الطبيب الشرعي قرر أن احمد عبد العزيز قتل برصاص مسدس من قرب من جانبه الأيسر، سيارته إنكليزية، كانت مقودها على اليمين، صلاح سالم جالس إلى يساره، بمعنى أن صلاح سالم الذي قتله بالمسدس من جانبه، جاء جمال عبد الناصر استلم وعمل محاكمة للحارس الواقف على المعسكر في الليل، حاكمه، الحارس قال بأن سيارة جاءت بعد العشاء في الليل، وسمعت طلق رصاص، وأنا أطلقت الرصاص في الفضاء وناديت من أجل أن يستيقظ المسؤولين لأجل أن يروا ما الأمر، قام عبد الناصر بالحكم عليه بستة أشهر سجن، واستلم القيادة، وصارت الجيوش العربية تتقدم والكماشة تطبق على تل أبيب!
فهذه من قصص جمال عبد الناصر.
[1] أحد تلاميذه محمود عبد الرؤوف القاسم.