تشريد اليهود في عهد تيتوس الروماني:
بقي اليهود، وحسب تاريخهم الحالي غير الصحيح غير الموثوق إلى سنة 70 ميلادية. ثار اليهود الموجودون في فلسطين، وكانوا كثيرين بعشرات الألوف، أما أهل البلاد كان عددهم مليون أو مليونين، ولا يوجد إحصاءات دقيقة بذلك. وهكذا قاموا بالثورة، وكان الوالي الروماني وقتها اسمه “تيتوس”، فأباد عدداً كبيراً منهم وشرّد حوالي نصفهم في العالم، منهم لإسبانيا أكثر شيء لإسبانيا، وللمغرب ولروسيا، وأكثر كمية لإسبانيا، لذلك نجدهم يسمون أنفسهم السفارديم أي الإسبانيين، مقابل الأشكنازيم القسم الآخر من اليهود.
تقدمة المحرقات في هيكل سليمان هي العبادة الرئيسة:
فعندهم العبادة الرئيسية حسب التوراة الحالية التي كانوا يؤمنون بها، عندما جاء المسيح وصارت هذه الأحداث، التوراة حتى ليست الحالية، فهذه أيضا قد بُدّلت عن التوراة التي كانت موجودة في ذلك الوقت، حسبها كانت العبادة الرئيسية هي تقدمة المُحرقات في هيكل سليمان، بالأصل كانت في خيمة الاجتماع، عندما بُني هيكل سليمان حسب مقولة التوراة الحالية، صارت العبادة الرئيسة هي تقدمة المُحرقات في هيكل سليمان، المحرقات هي الذبيحة، تدخل الذبيحة من بابٍ معين في الهيكل، وتكون هنا جماعة من اللاويين يصلون حضرة تماما مثل حضرة الصوفية (الله حي)، كلمة “ياهو… ياهو” يستعملونها ويستمعلون أشياء كثيرة، فتُذبح في مذبح خاص يُسمى المذبح، وفي مكان خاص المُحرقة تُحرق، يُحرق قسم منها معين، تعينه التوراة أو العهد القديم، ويُؤكل ويُطبخ الباقي وتؤكل ضمن حدود وطقوس معينة، وتُدفن النفايات. هذه هي العبادة الرئيسة، بعد ذلك يأتي الصيام والأعياد، وفي هيكل سليمان، وفي هيكل سليمان بالذات.
وهذه العبادة يمكن أن نقسمها إلى “فرض” و”سنة”، وهو من تقسيم من عندي وليس عندهم، فهناك ثلاث مرات في العام فرض هذه العبادة، في سبت السبوت وفي عيد المظال وفي عيد الفطير، هذه يجب أن تُقدم الذبائح المحرقات فيها ضمن الطقوس المعينة. وهناك السُنة التي أنا أسميها “سنة”، هي مثلا ذبيحة الخطية، شخص أخطأ خطأً يريد أن يكفّر عن خطيئته فيقدم ذبيحة الخطية، وهناك ذبيحة السلامة، شخص يريد السفر أو يريد عمل شيء، يذبح ويقدم ذبيحة السلامة لكي يرجع سالما، وهناك ذبيحة الشكر، شخص مثلا مرض وعوفي من المرض، أو كان مسافر ورجع سالما غانما يقدم ذبيحة الشكر. هذه يمكن أن نسميها “سنة”.
طبعا يوجد شيء من التفصيل الممل هذا الكلام الذي أحكيه، لكن يجب أن نأخذ فكرة عنه لأجل أن يكون الموضوع مختمر عندنا.
قلنا أنه عندما ثار اليهود حوالي سنة 70 ميلادية، جاء تيتوس الوالي الروماني، وكان الحشمونيون قد بنوا في القدس بناء خشبي على أساس أن هنا كان هيكل سليمان، ونلاحظ أنهم زوّروا أشياء، مثلا، جبل القدس اسمه جبل الزيتون، اسمه القديم الذي كان يسميه أهله وكل الناس، سماه الحشمونيون “صهيون”، صهيون هي الترجمة الحرفية لكلمة “الصفا” بلُغتهم، الجبل المقابل سموه “موريا”، وهي الترجمة الحرفية لكلمة “المروة”، الصفا والمروة، جعلوا الصفا والمروة هنا، صهيون وموريا، وجعلوا الصخرة، هذه الصخرة الوثنية النجسة التي يظنها المسلمون مشرفة.
حقيقة الصخرة (المشرفة) الوثنية في القدس:
هذه صخرة وثنية كان يستعملها عُبّاد أحد النجوم، وأرجح أنه نجم القطب، الباب الذي له ثلاث درجات لم يكن موجودا، فقد عمله الأتراك، كان في أعلى هذا الباب يوجد طاقة فقط، ومن الداخل في الجهة الشمالية الشرقية توجد طاقة للأعلى، وكانوا في إحدى ليالي الصيف، يحضرون الزيت ويضعونه في هذه المغارة لنسمها، صخرة كانت محفورة من الداخل إما حفر يدوي أو طبيعي، والأرجح أنه يدوي، يضعون فيها الزيت، كانوا يعبدون هذا النجم، ويضعون الزيت هنا، ويفتحون غطاء الطاقة، فيصير شعاع النجم يدخل إلى الزيت، أي لو كان شخص موجود في الداخل ونظر من الطاقة يشاهد النجم، وعندما يدخل شعاع النجم إلى الزيت يتقدس ويصبح زيتا مقدسا، في اليوم التالي يأتون من الأدير، كل دير يأخذ كأسا أو كأسين مقابل كمية من المال وليس مجانا، وفي الدير لديهم حلة كبيرة من الزيت، فيضعون كأس الزيت المقدس والكأسين في الحلة فيتقدس الزيت كله، فيأتي الناس من البيوت، كل شخص يدفع المبلغ المطلوب ويأخذ كأسا أو فنجان من الزيت ويضعه في زيته فيتقدس الزيت، هذه هي قصة الصخرة المشرفة! التي يظنون أنه شرفها الله! وزادوا على ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد عرج من فوقها! هذه أيضا أضيفت!
الهيكل الخشبي في القدس:
فهذا كله عمله الحشمونيون، جعلوا الصخرة وجعلوا صهيون وموريا، وهيكل سليمان وكانوا يريدون نقل مكة إلى هنا، نقل المناسك إلى هنا، على الأقل لليهود، أي يريدون وضعها هنا لإعادة مجدهم، جاء تيتوس قتل منهم من قتل وشرد حوالي نصفهم في العالم، وجاء إلى الهيكل الذي كانوا قد بنوه من الخشب كما قلنا، وإذا كان فيه حجارة فهي في الأسس، وهي أسس ليست محفورة في الأرض، وإنما فوق الأرض، والباقي كله خشب، فأحرقه.
هذا الذي يسمونه الهيكل الثاني أو الثالث، على خلاف بينهم، بعضهم يسميه الهيكل الثاني وبعضهم يسميه الهيكل الثالث، على أساس أن لهم هيكل في مصر قد بُني، بعضهم يعترف به وبعضهم لا يعترف به.
فلذلك الآن كل البحوث الآثارية تحت القدس حتى كادوا يجعلون تحتها مثل مخاريب النحل، لا يوجد ولم يوجد ولن يوجد نهائيا أي أثرٍ يهودي أو نصراني أو مسيحي، كل الآثار الموجودة أموية. هذا كان موضوع استطرادي قليلا.
نعود إلى موضوعنا، أحرق الهيكل تيتوس وشرد اليهود، والعبادة عندهم رأسها تقدمة المحرقات في هيكل سليمان، وفي هيكل سليمان بالذات، وهيكل سليمان كان قد نُسي، صلوات الله على أنبيائه جميعا، وكان الحشمونيون كان قد صار لهم مئتين إلى ثلاثمئة سنة، أقنعوا الدنيا كلها، أو أقنعوا اليهود أن هذا هو هيكل سليمان، عندما شُرّدوا في العالم، يريدون الآن أن يعبدوا الله، الذي في إسبانيا يريد أن يقدم المحرقات، والمحرقات لا تجوز في أي مكان إلا في هيكل سليمان فقط. فما العمل؟
الجاسوسية صارت العبادة الرئيسة البديلة:
إذن اليهود هنا، حُجبت عنهم العبادة الرئيسة، نحن عندنا مثلا العبادة الرئيسة هي الصلاة، فعندهم كانت تقدمة المحرقات في هيكل سليمان، أكرّر، في هيكل سليمان صلوات الله عليه، حتى المقيمون في القدس، الذين بقوا مقيمين في القدس من اليهود، لا يوجد هيكل سليمان، هيكل سليمان أحرقه تيتوس، والرسول صلى الله عليه وسلم عندما أسري به على مكان ما هناك، أين؟ لا نعرف! ولكن في تلك البقعة التي كان فيها المسجد الأقصى، ثاني مسجد وُضع للناس، مكانه بالضبط لا يُعرف، والمسجد الأقصى هذا الحالي ليس في مكانه بالضبط، ولكن في البقعة الأصلية، ولا أستبعد أن يكون في المكان الذي ألهم الله سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يصلي فيه، يعني مسجد عمر، لا أستبعد ذلك، وليس أقول هذا هو، وهو يبعد مئات الأمتار.
أما المكان الذي بُني فيه المسجد الأقصى فهو المكان الذي بنى فيه الحشمونيون، ما سمّوه الهيكل الثاني، وبعضهم يسميه الثالث، من الخشب، من الخشب أكرر، ليس له أساسات وإنما بعض الحجارة. فاليهود الموجودون في القدس يريدون تقديم العبادة الرئيسة، يريدون تقديم المحرقات، والهيكل غير موجود! تعال أنت ضع لهم الحل! لا يوجد إلا حل واحد هو عمل يحل محل تقدمة المحرقات، يحل محل العبادة الرئيسة، العمل على إعادة اليهود إلى فلسطين إلى القدس إلى أرض الميعاد، وإعادة بناء الهيكل.
العبادة الرئيسة مستحيلة، لأنها تحدد بنص التوراة في هيكل سليمان، وتحدد أي ن تُذبح الذبيحة وأين تُحرق وأين تُطبخ، وتحدد الأمكنة. وكله غير موجود. فما العمل؟ العمل هو أن يسعى اليهود للعودة إلى أرض الميعاد. إلى أرض فلسطين بالأول، ثم أرض الميعاد، وإعادة بناءالهيكل، إذن فما هي الطريقة؟! هي الجاسوسية، هي فن الجاسوسية، ومنذ ذلك الوقت صارت الجاسوسية هي العبادة الرئيسة عند اليهود، رأس العبادة عندهم منذ ذلك الوقت، مثل عندنا رأس العبادة هو الصلاة، رأس العبادة صار هو العمل على إعادة اليهود إلى فلسطين وإعادة بناء الهيكل. أي الجاسوسية.
من أمثلة الجاسوسية اليهودية في التاريخ:
ومنذ ذلك الوقت بدأت الجاسوسية، وبدأوا يعملون، طبعا أول شيء بدأوا بشكل طفولي بدائي، أفكار بسيطة ساذجة، كل شخص يضع فكرة، ممكن كانت الفكرة الأولى جيدة وقوية، ممكن بعضها ضعيف، ثم مع الزمن تتلاقح الأفكار، بالفعل قاموا بتجارب كثيرة، وقد نجحوا في بعض الأطوار، مثلا الشيعة عندنا هي نتاج للجاسوسية اليهودي، لعبد الله بن سبأ، عبد الله بن سبأ هو يهودي من مدرسة الجاسوسية، يعني كان يعبد الرب العبادة الرئيسة.
ثم الحروب الصليبية اليهود كان لهم في تأجيجها دور، ثم انحسرت الحركة اليهودية، فجاء البروتستنانت الكالفنيين، بروتستانت إنكلترا والذين هاجروا إلى أميركا والفرنسيون الذين بقوا في فرنسا، هؤلاء كالفينيون كلهم، طبعا البروتستانت الباقون في فرنسا قلائل، فهؤلاء هم الذين أحيوا في اليهود العبادة الرئيسة التي قلنا أنها أصبحت الجاسوسية، لأن العبادة الرئيسة الأصلية لا وجود لها، هيكل سليمان غير موجود، فالعبادة الرئيسة هي الجاسوسية.
استفادة اليهود من تطور العلوم في الجاسوسية:
والآن مع العلوم الحديثة، ومع التوسع الفكري الإنساني الحديث، مع تطوره، مع المكتشفات العلمية، كما في الحديث: “وترونَ الأمورَ العِظامَ التي لم تكونوا ترونَها” (الطبراني)، وأحاديث كثيرة، “حَتَّىٰ إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا…” [يونس:24].
فصار اليهود يستفيدون من تطور العلوم في الجاسوسية في العبادة الرئيسة، وصلوا إلى مستوى – مع الأسف والبكاء والألم ولا أدري ماذا أيضا؟ – حتى سخّرونا نحن المسلمين لخدمتهم، سخروا أفكارنا ولم يسخروا عواطفنا، عواطفنا تريد الإسلام ونريد الإسلام، ولكن أفكارنا مزورة مزيفة تتحرك لخدمة اليهودية ونحن نظن أنفسنا مجاهدين في سبيل الله! لخدمة المخطط الجاسوسي اليهودي، هذا هو مجال البحث هنا.
هذه هي الفكرة الأساسية المنطلق، هذا باختصار، لو نتوسع أكثر تصبح مملة أكثر، فاليهود العبادة الرئيسة عندهم هي الجاسوسية بطورها الجديد تقريبا منذ حوالي (700) سنة، عندما نشأت منذ حوالي (1930) سنة عندما بدأت الفكرة، طبعا هذا الكلام توجد الوثائق عليه، وأضرب مثلا على وثيقة واحدة.
التلمود وقصة ترجمته:
كان هناك كاتب مسيحي مشهور قبل حوالي (70-80) سنة، وله كتب كثيرة ومشهور جدا، أشهر من إلياس مرقص، أراد أن يترجم التلمود إلى العربية، التلمود يجب أن يكون لدينا فكرة عنه، اليهود لديهم كتابان التوراة والتلمود، التوراة حسب عقيدتهم هي الوحي الذي أنزل على الأنبياء، طبعا الوحي عندهم غير الوحي عندنا، الوحي عندنا ينزل به الملك جبريل عليه السلام فيلقيه مباشرة إلى النبي، أما عندهم فيسمع أصواتا من هنا وهناك ويشاهد أموراً ويفسرها وهكذا.
أما التلمود فهو في الحقيقة نصوص شفهية كما يقولون ويعتقدون بأنه نصوص شفهية نُقل أوائلها، أوائل التلمود، كانت تتناقل شفويا من زمن موسى عليه السلام طيلة ألفي عام حتى بدأوا يسجلونها، وبصدق كامل! لا يوجد فيها ولا كذبة! ولا نسيان! ولا غلطة! ولا خرافات! ولا أساطير! أبدا!
والباقي تفاسير للتوراة وضعها من ربانيهم من حاخاماتهم تقريبا بالقرن الثاني المسيحي، وبقوا أربع أو خمس قرون، قسم وضع في القدس، وقسم وضع في بابل، لذلك في عندهم التلمود البابلي والتلمود المقدسي. فالتلمود هو تعاليم، واليهود يتبعون التلمود أكثر من التوراة.
لما أراد أن يترجم التلمود فهو كمسيحي سيترجمه ترجمة صحيحة كما هو، وهذا لا يوافق اليهود عليه أن يُترجم كما هو، في النهاية يجب أن يبقى بلغتهم، فجاء شخص يهودي اسمه يوسف مويال، وزعم أنه سيترجم التلمود، فقام بترجمة مقدمة التلمود فقط، فيقول فيها أن العبادة الرئيسة عند اليهود تقدمة المحرقات في هيكل سليمان، وعندما هُدم هيكل سليمان فهل نتوقع من شخص يهودي أن يقول لك أن البديل عنها هو الجاسوسية؟! طبعا يستحيل ذلك. ولِمَ هو أراد أن يترجم التلمود ومنع (العربي) لنسمّه من ترجمته؟ لأجل أن يغطي على هذه الفكرة. ماذا كتب بدلا منها؟ قال وبما أن هيكل سليمان غير موجود لذلك تحل محل العبادة الرئيسة “أعمال الخير” والصدقات وما شابه. ألا ترون أعمال الخير التي يعملها اليهود ما أوسعها؟!! طبعا هذه مفهومة جدا، أنه مستحيل اليهودي يقول لنا أن البديل هو الجاسوسية وأن نبيد البشر ونسيطر. هذه أحد الأدلة على ما أقول، فالقول هذا كل شيء من مراجعه.